شمعة ليلى
بكل لهفة ارتدت أحلى ثيابها ووضعت أبهى حلتها.
بكل رقة أخدت الهدية بين يديها.
و بكل شوق اتجهت الى سيارتها قاصدة بيت حبيبها ، بيت وائل الذي كان قد دعاها لحفل ميلاده الليلة.
وائل رجل منغلق نوعا ما على نفسه ، كان يبدو غامضا في تصرفاته، و لكن رغم كل ذلك أحبته و تعلقت به .
بعد ان وصلت نزلت من سيارتها و أخدت تنظر لبيته مرتبكة بعض الشيء لتتوجه بخطى أكثر ارتباكا نحو الباب و ترن الجرس.
كان اسمها ليلى ، هادئة الطباع ، رقيقة في تصرفاتها ، وجدية في كل أعمالها ، تعطي لكل دي حق حقه ، أكثر ما كانت تكرهه هو الخيانة .
فتح لها وائل الباب وقد رسمت على شفتيه ابتسامة عريضة ليستقبلها بأجمل الكلمات وليطغى على وجهها علامات الخجل.
ما ان دخلت حتى تسارعت بالسؤال : ألم يصل أحد بعد ؟ . قالتها و هي تنظر الى أرجاء المنزل باحثة ، ليجيبها بابتسامة رقيقة وهو يقول:ألا يسعدكي أن تكوني أول الحاضرين ، ثم هل نسيتي عزيزتي أنه لا أصدقاء لي بهذه المدينة غيرك ؟
أحست أنها تسرعت في هذا السؤال فاعتذرت وغيرت الموضوع لتقول: عيد ميلاد سعيد عزيزي .
ابتسم و لم يرد بكلمة ، بل اكتفى بدعوتها الى الرقص ، لبت الطلب و أخدت ترقص معه ، تارة تكلمه و تارة تسرح بأفكارها تتخيل نفسها أنها صارت زوجته وأنهما يعيشان تحت سقف واحد .
لازالت سارحة بأفكارها البريئة ليخرجها صوته قائلا : ألا تشعرين بالجوع ؟
ظحكت ظحكة صغيرة و قالت : بين يدي أغلى الناس و تريدني ان اشعر بالجوع ، يالك من قاس .
كانت تحب أن تقول له كلمة قاس كثيرا ، لم يكن ينزعج منها لأنه يعرف أنها من باب المزاح فقط.
لقد أعددت وجبة شهية خصيصا من أجلك ، أتمنى أن تنال اعجابك {قالها و هو يحك بيده على رأسه }
توجها الى الطاولة وأخدا يتحدثان : كلام تلوى الآخر ، ظحكات تلوى الأخرى ...
كانت سعيدة تلك الليلة حيث لم تكن تعرف ما كان ينتظرها ، سألته : أسمعت يا عزيزي بالخبر الذي هز أجواء المدينة ؟
أجابها بالنفي لتردف قائلة : لقد قالو أنهم عثروا البارحة على جثة امرأة و قالو أنها تعد الجثة السابعة بين الجثت التي وجدت مؤخرا مقتولة بنفس الطريقة .
وائل :..........
ليلى : ما بك عزيزي لماذا لا تتكلم ؟
وائل : لا ، كل ما في الأمر أنه لدي لك خبر آخر .
ليلى : ما هو أخبرني بالله عليك؟
وائل : انهم ثمانية جثت و ليس سبعة .
ليلى : بل سبعه ، هذا ما قرأته في الجريدة .
وائل : لكن ليس بعد أن اقتلك عزيزتي.
ليلى : ههههههههههه ، أكيد يا عزيزي ، فحبك سيقتلني .
لم يجب وائل على آخر ما قالته ، و أخد السكينة بيده متوجها نحوها ، لتتعالى ظحكتها و تقول : أتعرف يا عزيزي أنك فعلا أحمق ، هيا أزل السكينة من يدك و تعالى لنشاهد فلما .
نظر اليها نظرة يملأها الغضب و هو ما زال يتقدم نحوها ، و قبل أن تنطق أي كلمة قام بصفعها حتى سقطت من كرسيها على الأرض .
نهضت المسكينة و هي تتألم من شدة الضربة لتدرك بأنه لا يمزح و أنه ينوي شرا بها ، ينوي قتلها كما قال . 00 يا الاهي ، هل وائل هو صائد النساء الذي تحكي عنه القصص و الجرائد، هل أنا ضحية منهن ، لا غير معقول ، وائل حبيبي لما سيفعل بي هذا، أكيد انا في حلم ساستيقد منه ، و لكن الواقع أمامك، انه الآن كالوحش يحاول قتلك 00 كلها أفكار تضاربت برأسها ممزوجة بالخوف الذي جعلها عاجزة عن التفكير بحل.
أخدت تركض بين ارجاء المنزل كالمجنونة و تصرخ طالبة النجدة ، وهو يتبعها بخطوات ثابتة ، كل ما يحمله رغبة في قتلها و رؤية دمها كسابقاتها ، يرغب في رؤيتها تتعذب دون منجد .
كل الغرف موصدة و المسكينة تركض من زاوية لأخرى حاملة معها أنفاسها المتقطعة و قلبها الذي يكاد يتوقف عن الخفق .
تصرخ : ابتعد عني ، ماذا فعلت لك ، النجدة ، لا يا وائل .......
كلمات متادخلة لا تعرف كيف ترتبها من شدة ما هي فيه.
ها قد حاصرها في زاوية وهاهو يقترب منها في بطىء لترجع للخلف متاكة على الحائط و تبدأ بالجلوس أرضا من شدة الانهيار ، مستسلمة ومدركة أنها النهاية اذ لا مجال لمقاومته .أغمضت عينها منتظرة القدر المشؤوم ، منتظرة أن يظربها بالسكين ، ها هو قد سار أمامها مباشرة لا يبعده عنها غير خطوتين ، وهاهي لازلت تترقب .
و لكن ، لم يحدث شيىء ، لم يظربها ، ماذا ينتظر ، فتحت عيناها في بطء لتجده لا زال أمامها ينظر اليها في سخرية .
لم تتمالك أعصابها و أخدت تصرخ بوجه : ما بك ؟ ماذا تنتظر ؟ هيا اقتلني .
تعالت ظحكاته لتملأ أرجاء المنزل و قال : لا يا عزيزتي ، هل أنت مجنونة حتى أقتلك ، بالله عليك.
نظرت اليه و هي تحدق لا تفهم ما يقصد من كلامه ليستمر قائلا : ما الفائدة في أن أقتلك مباشرة أيتها الحمقاء ، يجب ان أراك تتعذبين أولا .
رمى السكينة من يده جانبا و قام بصفعها للمرة الثانية ، لينهال عليها بالضرب و لتتعالى صرخاتها من شدة الألم و ليتعالى صوته : اكرهكن يا معشر النساء .
كانت عقدته الوحيدة بهذه الدنيا هي النساء ، حيث أقسم انه سيقتل كل امرأة عرفها بحياته .
{أكرهكن يا معشر النساء } لا زال يرددها و يضرب حتى أغمي على المسكينة .
حينها تركها وذهب ليعد عدته ليهم بقتلها بالطريقة التي يشتهي ، بعد أن عاد بدأ يحاول ايقاظها ليتم مراده ، اذ كان يريدها أن تكون شاهدة على موتها ، أن تحس كل حركة سكين سيخطها على جسدها الذي أنهك من كثرة الضرب.
أخدت تستفيق شيئا فشيئا و يا ليتها لم تفق ، بدأت تنظر حولها غير مدركة لما يحدث و غير مصدقة أنها لازالت بين الأحياء ، و أخد هو يرمقها و يقول : الآن أريدك ان تشهدي أحداث أبشع جريمة على وجه الأرض.
{يا الاهي ، مالذي انا فيه }قالتها المسكينة و الدموع تنهمر على خديها ، لم تكن تبكي لخوفها مما يحدث بقدر ما كانت تبكي على أن الحلم الذي حلمته من قليل وهي بين ذراعيه ترقص قد انتهى .
بدأ يجرها من شعرها محاولا جعلها تقف ، ثم بدأ بتقطيعه خصلة خصلة ، لم تشعر الا و هي تدفعه عنها ، و أخدت احدى الأدوات التي كانت بجانبه و ضربته بها على رأسه ، حاول النهوض من جديد و لكن ما ان لبث يقوم بذلك حتى غرزت السكينة في ظهره ، و أخدت تخرجها و تغرزها في جسده عدة مرات و تقول: كل واحدة من هاته الظربات هي فداء لكل واحدة من اللواتي قتلتهن أيها المتوحش ،لكل قطرة دم بريئة سفكتها.. وأخدت تبكي و تصرخ وتمسح بيديها دمه غير مصدقة لما هي فيه.
ابتعدت عنه و جلست قربه محاولة تهدأة نفسها وهي تكاد تختنق من كثرة البكاء.
ثم توجهت نحو الهاتف مبلغة عما حصل لها .
جائت الشرطة و أخدت الجثة الى المستشفى و ألقي القبض على المسكينة من أجل التحقيق.
وهاهي أمام محكمة القضاء تحكيها منتظرة الحكم بالاعدام أو المأبد حيث أنه لم يصدق أحد أن ما فعلته كان دفاعا عن نفسها، و خصوصا أنهم لم يعثروا على دليل قاطع ضد وائل بأنه هو قاتل النسوان السبعة.
فيا شمعة ليلى ابكي و احترقي و أنيري للعدالة طريقا.
يا شمعة ليلى ابكي و احترقي و تمني لها غدا مشرقا.
يا شمعة ليلى ابكي و احترقي و اطلبي لها من الدنيا رفقا.