Nona. أخطبوط لذيذ ورايق
عدد الرسائل : 1042 العمر : 34 تاريخ التسجيل : 17/08/2008
| موضوع: :: لا تكن كالشمعة الإثنين نوفمبر 17, 2008 2:40 am | |
| لا تكن كالشمعة !!
يقولون: إن الشموع تحرق نفسها لتضيء للآخرين، وهى لم تفعل.. أي لم تحرق نفسها كما يزعمون، إذ لا قدرة لها على الفعل كونها لا تحوز إرادة لذلك، لكنها أُجْبرَتْ على الاحتراق بواسطة فعل من كائن يملك تلك الإرادة!!.. وإلا فمن أشعل النار في فتيلك يا شمعة؟!..
لو أجابت لقالت: إنه ذاك الإنسان الذي يهوى الاحتراق، وهو يدعى بحثه عن الضياء!!. وبذا فالشمعة لا تدرك معنى التضحية لتتلاشى في حب من تضحى من أجله، بل هي لا تملك قلباً لتحب.. إنما هي مُسخرة لتؤدى غرض الإضاءة ثم تذوب وتنتهي، ولا تدرى إن كانت قد أضاءت لخائف، أو لطالب، أو لسارق، أو لسواهم!!.
فلئن كانت الشمعة تستخدم كرمز للتضحية، في إشارة إلى صنف نادر من البشر يحيا من أجل الآخرين، فلا يجب أن نقول " كن كالشمعة التي تحترق من أجل الآخرين "، لأن الشمعة لا تملك عقلاً كي تفكر في معنى التضحية، كما لا تملك إرادة لتنفيذ التضحية على أرض الواقع!!.
المغزى الذي أقصده هو أن إيثار الآخرين لا يعنى في الحقيقة نوعاً من الهزيمة النفسية كما يحلو للبعض أن يقول، وإنما يعنى إعلاء لصوت الإرادة في مواجهة شح النفس وأنانيتها، ومن ثم فهو ثورة على مسلك شيطاني ارتبط بخْلق الإنسان ووجوده، حينما قال الشيطان " أنا " فطُرد من رحمة الله. فإذا كنت تملك وأعطيت فهذه درجة، وإن كنت تملك وتحوطك حالة عوز شديد لما تملك ثم تمنحه إلى غيرك فهذه درجة أرقى وأعلى.. تسمى " إيثار " وهى ضد " الأثرة "، والأولى مكتسبة عبر تعليم وتثقيف، والثانية طبع مغروس في قرار النفس البشرية، وبين الطبع والتطبع تدور معركة في عالم الضمير لا تقل ضراوة عن معارك الأضداد في عالم الواقع!!.
وهنا توضع إرادة المرء على أحد المحكات العملية لتمحيصها وكشف حقيقتها، فإن تحرر من حب النفس والأنانية وانطلق في رحاب العطاء والتضحية فقد ظفر بجولة مهمة في طريق بناء أخلاقه وإرادته، وإن تخاذل بقى في سجن نفسه حتى حين. وبإسقاط هذا المعنى على حياة الناس في الوقت الراهن نجد انحساراً مخيفاً في تطبيقه على كافة المستويات.. في البيت وفى الشارع وفى العمل.. وفى جميع مظاهر الحياة تقريباً، حتى بات المجتمع مجرد لبنات متناثرة على طريق الحياة لا يجمعها شعور واحد، ولا مشاركة واحدة، ولا ترى إلا روح الفرد المعبر عن تطلعاته فقط ولو تعارضت مع ما يرجوه الآخرون في مشهد يجسد حالة العزلة والتنافر بين وحدات المجتمع، فبات الأفراد كالتروس الملساء، التي قد تدور ولكن لا تحرك غيرها!!.
إن خلق التضحية ليس خسارة من جيبك، أو من وقتك، أو من مجهودك كما يزعم من لا يعرفون شيئاً عن حقيقة ديننا وثقافتنا، بل هي استثمار رائع في جوانب أدبية ومعنوية لا يقل بحال عن الاستثمار في المناحي المادية والمالية، بل أكاد أزعم أن نجاح الثاني يتوقف بشكل أساسي على نجاح الأول.. فروح الفريق، والعمل الجماعي جناحان يحلق بهما أي استثمار فى عالم التألق والزهو، وهو الأمر الذي يغفل عنه المخططون حين ينسجون استراتيجياتهم للتنمية والتطوي | |
|
__TiMMi__ أخطبوط لذيذ ورايق
عدد الرسائل : 1929 العمر : 31 المزاج : الجرح دا أعلي دمااااغ تاريخ التسجيل : 18/06/2008
| موضوع: رد: :: لا تكن كالشمعة الأحد ديسمبر 07, 2008 12:36 pm | |
| | |
|