اه من ظلم السنين

آه!!! من ظلم السنين ! لعلها كلمة تشاؤمية أو توحي بالإحباط والتراخي والسلبية , وربما يكون هذا بالفعل , ولكن آه نابعة من عمق موضع الألم والضيق والقهر والظلم .
آه!!! من ظلم السنين والتي ضاعت من حياة مواطن مصري مواليد جيل الثورة , ثورة يوليو والتي قيل عنها أنها سوف تصلح ما أفسده الحكم الملكي , والإقطاع وسيطرة رأس المال , وانتشار الجهل والمرض , ويجد نفسه وبعد الثورة المزعومة والمدعومة بشعارات الإصلاح , والقضاء على الملكية , والقضاء على الإقطاع , والقضاء على سيطرة رأس المال , والاشتراكية, والقومية العربية, وووووو ......الخ , لتجد مؤيدين من الفقراء والمقهورين من الشعب , مع مؤيدين من عناصر تغوى التملق والظهور والاتجار بمقدرات الشعب حتى يصلوا إلى الحكم أو السلطة ..... ليكتشف أن كل هذا سراب ليس له أي قيمة, فقد انقضى عصر الملك لنجد أنفسنا أمام ملوك أو خلفاء تحت راية كاذبة اسمها الجمهورية والتي عرفها تلاميذ المدارس في الكتب فقط , وعرفها المواطن العادي في الصحافة الغاشة والمنافقة سواء جبرا أو تملقا , فنجد الزعيم والبطل وقائد القوات المسلحة ووو ... الرئيس جمال عبد الناصر !!وكأن مصر ليس بها كوادر سواه , هذا المغوار الذي قبع على قلب مصر حتى مات , وبهذا لا يفرق شيء عن الحكم الملكي , وقد ورط مصر في حروب ليس لنا فيها ناقة أو جمل متجاهلا كل العالم بكل ثقافاته , مما أوقع مصر في معاناة رغيف العيش , والاقتصاد المتدهور, والجهل وعزل مصر عن العالم ... لعله كان يريد تجميع الدول العربية تحت راية واحدة أي خلافة عربية , وربما كان في فكره هزيمة كل العالم ورفع راية الخلافة على العالم كله, مما جعله يتجاهل معاناة الشعب
وما ادعى عليه انه إصلاح كان أكبر ضرر على الاقتصاد المصري , فقد فتت الملكيات الزراعية , والتي بدورها قضت تماما علي الإنتاج الزراعي .
مجانية التعليم وهذه هي النقطة البيضاء في تاريخه ولكن قلة الموارد وسقوط الاقتصاد المصري أودى بالعملية التعليمية إلى الحضيض لنجد أنفسنا أمام أمية جديدة تحمل شهادات وربما أكبر الشهادات الجامعية والعلمية, ونحن في القرن الواحد والعشرون لا نجد أي تحسن في العملية التعليمية بل زادت سوء بعد انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية والتي أصبحت عبأ ثقيلا على الأسرة المصرية ... إذن أين هي مجانية التعليم.
هذا الزعيم المغوار رسخ قواعد الدكتاتورية , وقواعد عبادة الحاكم , حتى أصبح اسمه وصورته وصوته في كل مكان في مصر , وربما لو استمر حكمه لأمر بوضع صورته في غرف النوم أو حتى في دورات المياه,وقد ورث هذه القاعدة لمن بعده من خلفاء أو ملوك مصر وامتلأت المعتقلات من معارضيه وأنصار الديمقراطية وأنصار حقوق الإنسان.
آه!!! من ظلم السنين والتي حكم مصر فيها الملك الثاني بعد الثورة صاحب قانون العيب صاحب منظومة أكتوبر صاحب الانفتاح الاقتصادي, أنور السادات , الرئيس المؤمن, في الحقيقة وبعد أكتوبر قد جنب مصر مصائب حروب أخري , وكادت مصر تتنسم نعيم الفرحة بالأبناء وأمل الاحتفال بزواجهم بدل من تأبين موتهم في الحروب, بل كاد الشعب ينتعش اقتصاديا , وتذوق الشعب طعم المربى والفاكهة الطازجة مكان أكله للعسل الأسود طيلة سنوات طويلة مضت , وقد تزوق طعم الفراخ ومنتجات الألبان المستوردة.
ولكن الغرور والنزعة الدينية أوقعه في عشق الخلافة الدينية ووضع يده في يد عناصر العداوة والحقد , وضع يده في يد الوهابية , لتنزلق مصر في انشقاق داخلي , وهذا مع وجود الانفتاح الاقتصادي , لنجد انتشار للفساد وقضايا تهريب الأموال , واستيراد المواد الغذائية الفاسدة , وظهور نوع جديد من الإقطاع والاحتكار وسيطرة رأس المال, وانتشار الفقر والمرض وسوء التعليم كما كان قبل الثورة بل أكثر.
آه!!! من ظلم السنين لظهور التيارات الدينية المتطرفة والتي عملت على تقليص دور الأقباط واعتبارهم أقلية دينية منبوذة محاربة من الجميع , وأسلمة كل شيء في مصر متجاهلا الأقباط تماما لتصبح مصر أولى الدول في تصدير الإرهاب العالمي لتظهر الأسماء البراقة في عالم الإرهاب والقتل.
آه!!! من ظلم السنين من دكتاتورية حكم هذا الطاغية , وجلوسه على عرش خلافة مصر حتى اغتيل بيد من أعدهم لحرب الأقباط.
آه!!! من ظلم السنين والتي يعاني فيها الشعب الفقير والموظف الشريف في ظل سياسة وسيادة الملك الثالث أو الخليفة الثالث لمصر بعد الثورة حسني مبارك ... والذي تسيّد كرسي الخلافة متجاهلا الانقسام الموجود بين عنصري الدولة , بل يمكن أن يكون مستفيدا منه في بعض الأحيان.
آه!!! من ظلم السنين والتي يعاني فيها أكثر من نصف سكان مصر الذين يعيشون تحت مستوى خط الفقر, ومن زيادة مطردة للأسعار وزيادة مطردة في أعباء الأسرة من التعليم والحياة المعيشية, وعلى النقيض نجد أن الوزراء وأصحاب النفوذ وأصحاب رؤوس الأموال يتصارعون متباهين بمستوى الموائد الرمضانية , وعدد ذبائح عيد الأضحى ,مع العلم أنه يوجد أشخاص لا يجدون فرخة يضحون بها حيث أن السلطات المصرية قضت على الفراخ في حربها ضد أنفلونزا الطيور.. أليسوا من سكان مصر من أين لهم كل هذا , أليسوا من موظفي مصر , مع العلم أن الموظف المصري لا يجد ما يكمل به عيشه حتى آخر الشهر.
آه!!! من ظلم السنين والتي يعيش فيها المواطن يخاف كل من حوله من الإرهاب وأمن الدولة وبطش الشرطة, والتفجير والقتل , والخطف , وأنصار الشذوذ الجنسي .
آه!!! من ظلم السنين والتي يعاني فيها الشباب من البطالة والتجاهل ليكون فريسة للهوس الديني وضحية للإرهاب... ما بين قاتل ومقتول.
آه!!! من ظلم السنين من قيادات دينية سواء إسلامية أو مسيحية , تغلغلت فيها النزعة الدكتاتورية و يمارسون الأمر والنهي والفتوى لشعب جائع بائس مريض, يرسخون قواعد الفرقة وعدم المحبة التي ليست من تعاليم الله, متجاهلين دورهم الرئيسي الذي هو التعليم والإرشاد لتقريب المخلوق للخالق , آخذين دور آخر بلبس عباءة السياسة وتسييس الدين , متجاهلين الفقراء ومنشغلين عنهم بجمع أموال يشيدون بها الجوامع والكنائس , ليتباهون بها!! أمام من!!! أنا لست أعرف.
آه!!! من ظلم السنين من أبناء وطن تركوا التعاليم الدينية والفضائل الروحية وانشغلوا بتعاليم العالم والعلمانية على حساب الفضائل الروحية
آه!!! من ظلم السنين لأبناء وأخوة تركوا مصرنا الغالية هروبا من الفقر والبطالة والاضطهاد , أو حتى بحثا عن العلم لتصبح مصر خاسرة لكوادر عظيمة, وبدلا من أن يبنوا مصر أصبحوا يضيفون ثقل النقد والسخرية بالشعب المغلوب على أمره.
آه!!! من ظلم السنين والأيام التي مضت من الثورة حتى الآن وهي قرابة نصف قرن ونحن كما نحن لا تغير بل التغيير للأسوأ , المعاناة كما هي , الدكتاتورية كما هي , الاستبداد والظلم كما هما , الجهل كما هو مضافا عليه الأمية المتعلمة,لا مجانية تعليم , لا رعاية شباب , لا رعاية أمومة , تطرف إرهاب اغتيال
تغير لفظ ملك لرئيس جمهورية وعدم تغيير في جوهر الحكم فالحاكم ملك باسم رئيس جمهورية.
آه!!! من ظلم السنين للمواطن الشريف الذي بات يحلم بغد أفضل ليجد نفسه أمام مشاكل اقتصادية لتعليم وزواج أبناءه وبناته ولا يجد من يسد احتياجاته , وهل كل هذا لأنه شريف أو مواطن مصري, أو كليهما معا!!!؟
آه!!! من ظلم السنين للشباب الذي فقد الأمل بمستقبله.
لنترك الآهات وننتظر 2007 ربما تحمل في طياتها أمل ينسينا الآه!!!!!!!!!